صفحات من تهويد آثار سيناء أثناء احتلالها، تل الخروبة (هاروفيت سابقًا)
كتب د. عبد الرحيم ريحان
تل الخروبة هى أحد التلال الأثرية الهامة التي تقع على الطريق الحربي القديم الواصل بين مصر وفلسطين، والذي يبدأ عند منطقة طريق حورس (تلال حبوة) بالقنطرة شرق حتى مدينة رفح.
تقع الخروبة على طول الطريق بين رفح والعريش، على بعد حوالي 30كم غرب رفح، وحوالي 15 كم غرب الشيخ زويد، وحوالي 16 كم شمال شرق العريش.
ونلقى الضوء على دراسة علمية جديدة للدكتور محمد عبد المقصود الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار ورئيس بعثات الحفائر بسيناء لأطول مدة وصاحب الاكتشافات العديدة بها والدكتور السيد عبد العليم أستاذ الآثار المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة عين شمس والذى شارك الدكتور محمد عبد المقصود فى معظم اكتشافاته والتى وثقت محطة طريق الخروبة (نسبة إلى شجرة الخروب) التي تعود إلى القرون الوسطى في مصادر تعود إلى القرنين الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين، ويبدو أنها مهجورة منذ القرن السادس عشر الميلادي.
تشير الدراسة إلى أنه فى القرنين التاسع عشر والعشرين، ظهرت أسماء الخروبة وبئر الخروبة وخربة أم الخروبة في نفس المنطقة، يبدو أن اسم الخروبة يظهر مرة أخرى في حوالي 1798-1801م بالقرب من أحد آبار المياه هناك حيث كان يعيش زعيم قبيلة السواركة البدوية مع عدد كبير من رجاله
وبسبب كثرة الأمطار أمكن زراعة الشعير. وبحسب رواية العالم الفرنسي جان كليدا (الذي كان يقوم بالحفر والتنقيب بإقليم القناة وسيناء بتمويل من الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، وأحيانا من وزارة الأشغال المصرية)، الخروبة هي مركز بدو السواركة، وبجانب أكواخهم وخيامهم توجد الآثار القديمة المسماة خربة البرج، وحدد كليدا مكان الخروبة بأحد المحطات التي تعود إلى القرون الوسطى.
الحفائر الإسرائيلية
الحدث الأهم لمنطقة الخروبة كانت أعمال الحفائر الإسرائيلية غير الشرعية والتي قامت بها بعثة جامعة بن جوريون برئاسة اليعاذر أورين في الفترة من 1979 وحتى 1982م أثناء الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء.
أقام الإسرائيليون بمنطقة الخروبة مستوطنة زراعية (موشاف هاروفيت) وتُعني مستوطنة زراعية بموضع الخروبة، أنشئت هذه المستوطنة عام 1975 وتم تفكيكها عام 1983، على بعد حوالي 16 كيلومتراً شمال شرق العريش، وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى المكان المجاور الخروبة وكانت القاعدة التي انطلق منها فريق بعثة جامعة بن جوريون برئاسة أليعاذر أورن للتنقيب في المنطقة.
في عام ١٩٨٥، قامت بعثة الآثار المصرية العاملة بالموقع برئاسة الدكتور محمد عبد المقصود بتصحيح الوضع، وتم النشر العلمي بعد ذلك للموقع باسم "الخروبة" وانتهت مستعمرة هاروفيت كما انتهت أيضًا مستعمرة "ياميت" من شمال سيناء.
أسفرت أعمال الحفائر عن تحديد عدة مواقع بلغت نحو أكثر من عشرين موقع أثري تمتد في منطقة صغيرة نسبيا (4 – 5 كيلو متر مربع) من الكثبان الرملية. أخذت هذه المواقع أرقام يسبقها الحرف اللاتيني A، والذي يشمل كافة المواقع التي تقع بمنطقة العريش والشيخ زويد ورفح وما حولهم
ففي الواقع يحتوي موقع الخروبة على بعض التجمعات القديمة ولعل أشهرها هو موقع رقم A 289 كما أطلقت عليه بعثة جامعة بن جوريون، وتم التنقيب فيه أثناء 1979/1982م وتم الكشف عن قلعة من عصر الدولة الحديثة تبلغ (50 × 50 م). كانت القلعة قيد الاستخدام خلال الأسرة التاسعة عشرة إلى العشرين. كما تم الكشف عن بقايا من الفخار عليه ختم بخرطوش ملكي باسم الملك سيتي الثاني، وهو من ضمن الآثار التي استلمتها مصر والعائدة من إسرائيل.
الموقع A345، على بعد حوالي 400 متر شمال القلعة وبالقرب من ساحل البحر الأبيض المتوسط، تم الكشف فيه عن مركز إداري من عصر الدولة الحديثة من الأسرة الثامنة عشرة، والذي تم التنقيب فيه في 1980-1982. كما احتوي على مخازن ومنطقة صناعية وأفران لإنتاج الفخار.
في نفس المنطقة يوجد موقع A343 عبارة عن مخيم يضم مجموعة من المنشآت الحجرية للخبز والطبخ، وكميات من الفخار المصري والمستورد. تم الكشف بهذا الموضع عن إناء من الفخار المصري عليه ختم باسم الملك سيتي الأول من الأسرة التاسعة عشرة.
المصادر
تقارير الحفائر الإسرائيلية المنشورة عام 1987.
تقارير استلام الآثار العائدة من إسرائيل 1994.
موسوعة مواقع وحفائر سيناء (تحت الطبع).