مصر تحقق تصنيفًا عالميًا متقدمًا في مؤشر الأمن السيبراني
بقلم: د. محمد محسن رمضان
مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية.
- مستشار الهيئة العليا لتكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني بمؤسسة القادة للعلوم الادارية والتنمية.
- رئيس برنامج سفراء الوعي التكنولوجي
رئيس وحدة دراسات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بمركز العرب للأبحاث والدراسات.
في عصر التحول الرقمي السريع، تخطو مصر بخطوات واثقة نحو تحقيق رؤيتها الطموحة لبناء "مصر الرقمية"، التي تجمع بين التطور التكنولوجي والأمن السيبراني. لم تكن مصر مجرد متلقٍ للتكنولوجيا، بل أصبحت رائدة في حماية بنيتها التحتية الرقمية، حيث تصدرت المشهد الإقليمي والدولي في مجال أمن المعلومات.
من خلال تحقيقها تصنيفًا عالميًا متقدمًا في مؤشر الأمن السيبراني لعامي 2023-2024، أثبتت مصر قدرتها على التصدي للتهديدات السيبرانية وحماية بياناتها وأنظمتها. هذا الإنجاز يعكس التزامًا حقيقيًا بأعلى معايير الأمن الإلكتروني، ويعزز مكانتها بين الدول الرائدة في حماية الأنظمة والبيانات والشبكات من الهجمات الرقمية.
ارتقت مصر بتصنيفها لتكون ضمن الفئة الأولى في المؤشر العالمي للأمن السيبراني (GCI) لعامي 2023-2024 الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات، حيث احتلت موقعًا متقدمًا بين 47 دولة في الفئة الأولى، متصدرة القائمة إلى جانب 12 دولة أخرى. جاء هذا التصنيف بعد أن حققت مصر 100 نقطة في جميع المعايير التي يقيسها التقرير، مما يبرز التزامها بتعزيز أمنها الرقمي وقدرتها على مواجهة التحديات السيبرانية العالمية بفعالية.
وهنا نستعرض معًا ما هو المؤشر العالمي للأمن السيبراني؟
يُعدّ مفهوم الأمن السيبراني وتطبيقه ضروريًا للأفراد والمؤسسات لمنع الجرائم الإلكترونية، إلا أن أهمية هذا المفهوم لا تقتصر على الأفراد والشركات فقط؛ بل يمتد ليشمل الدول بأكملها. ففي العصر الحالي، تعتمد معظم حكومات العالم بشكل كبير على التكنولوجيا لإدارة شؤونها، مما يجعل الأمن السيبراني أمرًا حيويًا. إذ يحمي الأمن السيبراني الشعب والمؤسسات، ويضمن حماية بيانات الأفراد والمؤسسات الحساسة، ويساعد في ضمان استمرار تقديم الخدمات التي تعتمد بشكل كبير على تكنولوجيا المعلومات.
لكن كيف يمكن قياس قدرات الدول في مجال الأمن السيبراني؟
مؤشر الأمن السيبراني العالمي (Global Cybersecurity Index)، الذي يُعرف اختصارًا بـ (GCI)، هو مبادرة من الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، وهي المنظمة الدولية الرائدة في قضايا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. يقوم هذا المؤشر بوضع معايير لتقييم حالة الأمن السيبراني في الدول حول العالم، إذ يحتسب ويُقيّم التزام الدول بتطبيق معايير الأمن السيبراني على المستوى العالمي.
يمنح هذا المؤشر رؤية متعمقة حول مدى مشاركة الدول ذات السيادة في تعزيز الأمن السيبراني، ويُعتبر مصدرًا موثوقًا في تقييم أداء الدول في هذا المجال.
معايير تقييم الدول في مؤشر الأمن السيبراني:
يتم تقييم مستوى المشاركة أو التنمية للدول وفقًا للمؤشر العالمي للأمن السيبراني على أساس خمس ركائز أساسية. فالأمن السيبراني مفهوم شامل يغطي مجالات متعددة ويشمل مختلف القطاعات والصناعات. وفيما يلي أسس تقييم البلدان وفقًا لهذا المؤشر:
1- التدابير القانونية:
يتطلب تطبيق مفهوم الأمن السيبراني وضع تشريعات وقوانين واضحة، مثل القوانين التي تجرّم الجرائم الإلكترونية وتحدد العقوبات اللازمة لملاحقة مرتكبيها.
2- التدابير التقنية:
تُعتبر التكنولوجيا خط الدفاع الأول في مجال الأمن السيبراني. لذا، من الضروري أن تمتلك الدول إجراءات وتدابير تقنية للكشف عن الهجمات الإلكترونية والتصدي لها. من التدابير التقنية الهامة التي يركز عليها المؤشر هو وجود هيئة متخصصة في الأمن السيبراني، مثل مركز وطني أو هيئة مشابهة.
3- التدابير التنظيمية:
تحتاج الدول إلى وضع خطط واضحة وأهداف استراتيجية قابلة للتنفيذ والقياس لضمان تنفيذ سياسات الأمن السيبراني بشكل فعّال. هذه التدابير ضرورية لضمان نجاح أي جهود في هذا المجال.
4- تنمية القدرات:
يتطلب تحقيق أهداف الأمن السيبراني تطوير القدرات البشرية والمؤسسية، بالإضافة إلى تعزيز المعرفة والوعي المجتمعي بأهمية الأمن السيبراني. كما يشمل ذلك توفير الموارد اللازمة لإجراء الأبحاث وبرامج التدريب والتعليم المتخصصة في هذا المجال.
5- التعاون:
لا يمكن تحقيق الأمن السيبراني دون تعاون مشترك بين مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة. يجب تعزيز الحوار والتنسيق لجعل الأمن السيبراني شاملاً، كما ينبغي توسيع دائرة هذا التعاون لتشمل الحكومات والدول المختلفة من أجل التصدي للهجمات السيبرانية على نطاق عالمي.