حكاية قلعة المويلح وأهاروني
كتب - د. عبد الرحيم ريحان
يروى لنا الدكتور السيد عبد العليم أستاذ الآثار المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة عين شمس حكاية قلعة المويلح
(أهاروني سابقًا)
عين مويلح عبارة عن نبع يقع على بعد 5 كم غرب مدينة القصيمة أو القسيمة و10 كم غرب عين القديرات في شمال شرق سيناء. تقع عين مويلح في وسط أربع تقاطعات طرق قديمة رئيسية. كما تعتبر عين مويلح إحدى عيون المياه الأربعة القريبة: القصيمة والقديرات وعين قديس.
ترتفع القمة 390 مترًا فوق مستوى سطح البحر، وترتفع حوالي 140 مترًا فوق السهل المحيط بها، مما يسمح بمراقبة ممتازة في ثلاث اتجاهات.
ومن أبرز النقاط التي يمكن رؤيتها من القمة، طرف واحة عين القديرات وواحة القصيمة الصغيرة، وكذلك عين مويلح.
وإذا كان هناك أي اتصال بين القلعة والطرق التي كانت تمر سابقًا عبر السهل فمن الواضح أن القلعة كانت نقطة مراقبة ممتازة.
اكتشاف الموقع
يشير الدكتور السيد عبد العليم إلى أنه أثناء فترة احتلال سيناء، تم اكتشاف الموقع في عام 1975 من قبل ضباط من قاعدة الجيش الإسرائيلي في القصيمة وبعد تقريرهم، تم مسح القلعة في يناير 1976، وتم ملاحظة حجمها وتحصيناتها الطبيعية والسيطرة البصرية على الطرق عند سفحها. والحدث الأغرب أن قام علماء الآثار الإسرائيليين بإطلاق اسم القلعة على أحد علمائهم المدعو "يوهانان أهاروني" تخليدًا لذكراه.
ومن الجدير بالذكر أن سلطة الاحتلال بسيناء قامت بأعمال حفائر إسرائيلية غير شرعية في يناير عام 1981 تحت إشراف قسم الآثار في جامعة تل أبيب ممثلًا في زئيفي ميشيل Zeev Meshel وضابط الآثار في الجيش الإسرائيلي لعلم الآثار في سيناء أفنير جورين Avner Goren بالإضافة إلى فريق من المساحين والرسامين والمصورين.
ويوضح الدكتور السيد عبد العليم أن تخطيط القلعة من مستطيل غير منتظم بأبعاد قصوى 100 م طول ، 40 م عرض.
تبلغ المساحة الإجمالية للموقع أكثر من 3500 م2. معظم منطقة القلعة من الداخل عبارة عن فناء مفتوح، ويفصل الجزء الغربي عن الجزء الرئيسي بجدار رفيع، أما الأرضية فهي من الصخور الطبيعية. والحجارة التي بنيت منها الجدران مأخوذة من الصخور المحلية العديد منها مستطيل الشكل إلى حد ما وعرض الجدران ليس موحدًا، ولا كذلك أسلوب البناء.
تم اكتشاف مرحلتين من الاستيطان: الأولى، وهي المرحلة الرئيسية التي تم فيها تشييد المبنى، وكانت في عصر الانتقال الثالث (عصر الحديد Iron Age) في مكان ما بين نهاية القرن الحادي عشر قبل الميلاد والقرن العاشر قبل الميلاد.
خلال المرحلة الثانوية، تم بناء بعض الجدران الجديدة.
البناء غير منتظم، ويتكون من أكوام من الحجارة، ولا تظهر عليها مسارات منتظمة أو خطوط مستقيمة.
يُظهر التخطيط العام للقلعة بوضوح أنها لم تكن محاطة بالكامل بغرف داخلية، مثل القلاع القريبة والمنتشرة بالمنطقة
بل كانت محاطة جزئيًا بجدار واحد.
وكانت هناك عدة غرف ملحقة، بعضها يحتوي على أفنية داخلية، وبوابة ذات شكل فريد في حالة حفظ رائعة. باستثناء الجهة الشرقية، فإن المبنى يشغل كامل مساحة القمة، ويتماشى تخطيطه العام بشكل وثيق بالتضاريس. ويمتد السور على طول حافة القمة الصخرية المسطحة ويطل مباشرة على المنحدرات الشديدة للتل. وبالجهة الشرقية، لا توجد حدود طبيعية، بل مجرد جدار مبني فوق الصخور المسطحة.
تتكون البوابة من جزأين: جزء خارجي يبلغ نحو 6.40 م × 2.0 م، وجزء داخلي 5.0 × 3.0 م. أقيمت جدرانها على أساس صخري. أظهرت أعمال التنقيب وصولاً إلى الصخر أن سمك الرديم بمنطقة المدخل وصل إلى 45سم. احتوى على عدد قليل من بقايا الأواني الفخارية، بالإضافة إلى عدد قليل من بقايا العظام. وعلى الصخور نفسها كانت هناك بقع من رماد النار والتي تنسب إلى مرحلة بناء الموقع. كانت منطقة البوابة بأكملها مليئة بالحطام، ملقاة بطريقة تشير إلى دمار ربما نتج من جراء زلزال ألحق بالجدران المنهارة أضرارًا جسيمة، وبالتالي كانت ملقاة بعيدة عن بعضها.
المواد الأثرية المكتشفة
وينوه الدكتور السيد عبد العليم إلى اللقى الأثرية المكتشفة وهى عبارة عن قطع من الفخار. لم يتم العثور على إناء واحد كامل.
وكما جرت العادة في مواقع هذه الفئة في صحراء النقب وشرق سيناء، كان الفخار على نوعين: فخار عادي مصنوع على العجلة، ويرجع لعصر الحديد، والفخار المصنوع يدويًا، من النوع المعروف باسم "فخار النقب"، وكان عدد شقف فخار النقب قليلًا.
تم العثور على أداة من الصوان وتم تحديدها بالعصر الحجري القديم، ولكن من المحتمل أنها كانت مستخدمة أثناء استيطان الموقع.
وربما كان يستخدم آنذاك كنصل منجل وربما تشير إلى بعض الممارسات الزراعية.
وفي هذا الصدد، ينبغي ملاحظة الكمية الكبيرة من حبوب اللقاح التي تم الحصول عليها من بقايا حبوب منزلية من بين الاك.