اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الكاتبة منال خليل ... تكتب " فخ الأنانية الغادر"

لم يرفع القلم بعد "فخ الأنانية الغادر "





    لم يرفع القلم بعد 

 " فخ الأنانية الغادر " 

بقلم : الكاتبة منال خليل 


 الأنانية والبخل العاطفي قد يمنحان الإنسان شعورًا زائفًا بالأمان، لكنه في الحقيقة يدفعه  إلى العزلة والوحدة.


 فالحياة تتطلب العطاء المتبادل

 ومن يظن غير ذلك، سيكتشف في النهاية أنه قد خسر أكثر مما كان يعتقد .


   " عمران وعقيلة " 

في أحد أودية الجبال البعيدة

عاش شاب يُدعى عمران عاشق متيم 

في حب  عقيلة والتي كانت بالنسبة لعمران كل ما حلم به يومًا ، جمالها، عذوبتها  وشغفها بالحياة كان يأسر قلبه ويأخذه إلى عوالم لم يعرفها من قبل لكن كان هنالك شيء خفي عن ناظريه، شيء يتسلل في خبايا علاقتهما كالعاصفة التي تبدأ بنسمات خفيفة قبل أن تجتاح كل شيء.



 كان عمران يُقدم نفسه لها دوما بصدق كامل، عاشقًا بكل ما يملك من مشاعر متنازلًا عن ذاته في كل لحظة .


 و عقيلة ، على الرغم من أنها كانت تتنعم بحبه وتُبدي اهتمامًا، كانت تعيش في ظل أنانية مستترة.


لم تكن تعطيه قلبها كاملاً، بل تمنحه لحظات من الحب مشروطة بتلبية رغباتها  كانت تتحكم في كل شيء بينهما دون أن تصرح بذلك .


تُدير العلاقة وكأنها لعبة تأخذ أكثر مما تعطي، وكان عمران يغرق في بحر من التضحيات دون أن يدرك أن الحب الذي يمنحه كان يُستهلك بلا عودة.



كان كل لقاء بينهما يُشعل نيران العشق في قلب عمران، لكنه كان يشعر دائمًا بشيء ناقص، وكأنها تمنحه شيئًا مؤقتًا، لتأخذ منه شيئًا أعظم.


 كانت عقيلة لا تعطيه نفسها إلا عندما تحصل على ما تريد اولا كل كلمة، كل لمسة كانت تقابلها بطلب مسبق، وكأن العشق بينهما لا يمكن أن يكون خالصًا 

دون مقابل.


عمران، الذي كان غارقًا في حبها  كان يرى كل تضحية كنوع من إثبات حبّه، لكن مع الوقت بدأ يشعر أن مشاعره تستهلك كان كلما اقترب منها أكثر، يضطر إلى تقديم المزيد من نفسه حتى بدأ يشعر أن روحه نفسها قد أصبحت عارية لا يملك منها إلا القليل.


 كانت عقيلة تتعامل مع عشقه كأنه مصدر لا ينضب وكأنها تمتص نبض قلبه


 وفي إحدى الليالي، جلس عمران تحت شجرة كبيرة قرب الوادي، محاطا بصمت الطبيعة التي كان يحتاج لصفائها كان يشعر بأن داخله يُعاني من عاصفة ما

  أخذ يتأمل النجوم البعيدة، وحينها شعر وكأن قلبه المنهك يتحدث إليه :

 ألا ترى أنك تُهدي حبك لمن لا يمنحك سوى الشروط؟ ألا ترى أنك تحترق في نار عشقٍ غير متبادل .


في تلك اللحظة رأى رؤية عجيبة ظهر أمامه شيخ  وجهه يشع نورا، وتحدث إليه بصوت هادئ: 

يا عمران، العشق هو سلم يصل بالروح إلى النور، العشق الحقيقي هو ذوبان في الآخر دون مقابل واحذر من أن يكون قلبك مستغل فالحب المشروط ليس بعشق، بل هو قيد يحبس الروح سيدي إلى هلاكك. 


 فاق عمران من رؤياه وهو يشعر أن الحقيقة قد تجلت أمامه أدرك أن عقيلة كانت تُشبع أنانيتها برؤيتة متعلقا بها مستسلمًا لرغباتها.


 العشق هو فن التخلي عن الذات، حيث يصبح العاشق مرآة تعكس نور المحبوب دون أن يسأل، ودون أن ينتظر، فيتلاشى بين روحيهما كل وجود إلا وجود الحب ذاته" غادر عمران عقيلة وهجر عشقها المتدني ، قبل أن يخسر ذاته معها .


هنا انتهت قصه عشق عمران مع أنانية عقيلة ذلك يوضح أن: 

 الأنانية في العلاقات يمكن أن تتحول إلى وحش يلتهم كل ما هو جميل، تدفع أحد الشريكين إلى استنزاف الآخر بلا رحمة حيث يتلاشى الحب ويتحول إلى استغلال مريض يتغذى الطرف الأناني على مشاعر الشريك يستنزفه دون رحمة دون أن يشعر بأي ذنب أو تأنيب فتُصبح العلاقة غير متوازنة، حيث يعطي طرف كل ما لديه بينما الطرف الآخر يُغلق على ذاته، يأخذ فقط ولا يمنح شيئًا سوى المعاناة مع مرور الوقت، تتحول الأنانية إلى خنجر خفي يطعن الروح حتى تتلاشى ملامح المحبة وفي لحظة تتجمع فيها كل تلك الجراح المميتة، قد يصل الطرف المُستَغل إلى نقطة اللاعودة.


 اتذكر مقولة " فريدريش نيتشه" :

"إن أعظم شيء يمكن أن يحققه الإنسان هو أن يتجاوز ذاته، أن ينتصر على أهوائه ويتعلم كيف يكون سيدًا على نفسه"

google-playkhamsatmostaqltradent