اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الكاتبة منال خليل ... تكتب " حنين سرمدي "

حنين سرمدي 





  حنين سرمدي 

بقلم : الكاتبة منال خليل


 عندما نفقد شخص عزيز ، نشعر أن الحياة تنقسم إلى "ما قبل" و"ما بعد" 

تلك اللحظة، وكأن العالم كله يعيد تشكيل نفسه وفقًا لهذا الفقدان.


 نواجه حينها قسوة لم ندركها من قبل قسوة تعرينا أمام حقيقة الحياة، وتتركنا في مواجهة فراغ دائم، فراغ لا يسده حضور ولا يعوضه الزمن.


في تلك اللحظات، ندرك أن الحنين ليس مجرد شعور، بل هو ثقل يجرنا إلى أعماق الماضي يجعلنا نحمل الذكريات كأنها أثقال تُرهقنا.

 لكنها في الوقت ذاته كل ما تبقى لنا من دفء أحبابنا .

فنحاول مراراً أن نستعيدهم في أحلامنا في خيالاتنا، في الأشياء الصغيرة التي تركوها خلفهم، لكنها ليست سوى ظلال لا تعود ولا تعوض حضورهم الحقيقي.


ومن خلال هذا الألم نكبر أو نشيخ من الداخل يصبح النضوج حالة دائمة من استيعاب الخسارة، من قبول فكرة أننا لن نكون كما كنا من قبل، وأن جزءاً منا قد رحل معهم .


 لا يرتبط هذا "الكِبَر" بتقدم العمر 

بل بالثقل الذي يتركه الفراق في أرواحنا بتلك التجاعيد الخفية التي لا تظهر على وجوهنا بل في أعماقنا.


نحن نكبر ليس عندما تتغير ملامحنا، بل عندما تنكسر قلوبنا بفقدان الأحبة، عندما نشعر بثقل الوحدة، وعندما نرى العلاقات تتلاشى مثل أوراق الخريف. هذا النوع من "الكِبَر" ليس في عدد السنوات، بل في تلك اللحظات التي نشعر فيها بأننا فقدنا شيئًا جوهريًا لا يمكن استرجاعه، وأننا نعيش في عالم قديم بقلوب متعبة وأرواح أرهقتها التجارب.


نشعر أن الحياة تستمر، لكننا لسنا نحن، بل نحن بقايا أنفسنا .


 نحمل الذكريات كجروح دائمة، نمر على الأماكن التي شهدت لحظاتنا معهم، نسمع أصواتهم في الصمت، ونتلمس آثارهم في فراغات الحياة .


 كل خسارة تكسرنا بعمق أكبر، وتجعلنا ندرك حقيقة قاسية: 

أن هناك أشخاص، حين يغادرون يتركون فراغ أزلي.

وما بين تلك التجارب المؤلمة، نكتشف أن "النضوج" هو التعايش مع الألم، أن نحمله برفق كمن يحمل شيئ ثمين، ثم نكمل السير في طريق  لم نختاره .


 إنه شعور يجعلنا عالقين بين الذكريات والواقع، بين ما كان وما لن يكون مرة أخرى .

 عالم قديم نحمله في قلوبنا المتعبة وأرواحنا التي أثقلتها خسارات لا تُرد ولا تعوض .

 عندما نفقد عزيزاً، ندرك فجأة قسوة الفراق الأبدي... نتعلم أن هناك أماكن في قلوبنا لن تمتلئ مجددًا، وأن العالم لن يكون كما كان من قبل...

 هو ألم عميق يصعب وصفه

 شعور بالفراغ الموجع وحنين لا يُطفأ حيث نواجه حقيقة أن هناك أشخاصًا يغادرون دون أن يمنحونا فرصة أخرى للقاء .

" حين نفقد عزيزاً، ينشطر الوجود إلى ما قبل وما بعد، ويصبح الحنين جرحاً سرمدياً في أعماقنا لا يُشفى ولا يلتئم "

google-playkhamsatmostaqltradent