شرف المهنة وفخ الترند
شرف المهنة وفخ الترند
بقلم الكاتبة : منال خليل
- عن فيديو " الطبيبة " الذي أثار جدل واسع، بعيدًا عن الدخول في تفاصيل قانونية أو أخلاقية، يظهر نموذج واضح لمشكلة أكبر وهي مغالطة
"التعميم وقسم الطبيب"
الدكتورة عاينت حالات معينة بمكان عملها
وقررت تعمم خبرتها المتواضعه على المجتمع كله، رغم إن في نفس الوقت
هناك حالات كثيره لسيدات بيولدوا
من جواز شرعي .
استفزتها كام حالة فعملت فيديو وعممته واقترحت على المشاهدين عمل تحليل اثبات نسب للتأكد من شرعيه نسب اطفالهم ، ما هذا العبث و إثارة حالة
من البلبلة الوقحة !!
- ما صرحت به ليس مجرد كلام عن أعراض أو أخلاق، لكن كمان عن طريقة فهمنا للواقع.
- مجرد إننا نكون محاطين بنماذج سيئة
أو بأحداث سلبية، مش معناه إن ده انعكاس للمجتمع كله ،لو كنا عايزين نعرف الحقيقة، فمحتاجين نعتمد على إحصائيات ودراسات شاملة، مش على خبرات شخصية.
- "إن كانت غايتك رصد ظاهرة للتوعية فلتكن كلماتك مرآة للحق لا سهاما للفضح والتجريح، فالتوعية تبنيها الرحمة، وأعمق التغيير يأتي حين نرى الآخرين بقلوب واعية لا بأحكام قاسية"
- الأسلوب والمفردات واللغة للطبيبة مرفوضة تماما .
اسلوب النقض وكيفيه تناول المواضيع مرآة لأخلاقياتنا، فإذا كانت رسالتنا تهدف إلى تصحيح مسار المجتمع، فلنبدأ بتصحيح مسارنا أولًا، لأن انتقاد الأخلاق
لا يتوافق مع لغة تشوه القيم وتنال من كرامة الآخرين .
- في ظل هذا الجدل ، تظهر الحاجة الملحة للحديث عن "شرف المهنة" وأداء الواجب بمسؤولية بعيدًا عن التعميمات والأحكام الشخصية.
ليس الخطأ فقط في تعميمها، بل في تجاهلها لمبدأ أساسي هو:
أن لكل حالة خصوصيتها، وأن دور المهني هو الخدمة بموضوعية وإنسانية، وليس إطلاق الأحكام.
فشرف المهنة ليس مجرد التزام بالقوانين بل هو التزام بالضمير أن تقدم للآخرين حقهم دون أحكام، وأن ترى في كل شخص إنسانيته، لا حالته "
- مع تسارع وتيرة التغيير في المجتمع أصبحنا نرى ميلاً كبيرًا للتعميم بناءً على تجارب شخصية، وهو ما يخلق صورة غير عادلة ومشوشة .
لكن لا يمكن إغفال أن المجتمع نفسه مسؤول عن أميّة وبؤس بعض الفئات
وهو تحدي جماعي يستوجب العمل المشترك، لا إطلاق الأحكام.
- نحتاج لوعي أعمق بدور كل فرد ومؤسسة في احتضان الفئات الأضعف والعمل على دعمها، وأن ندرك أن إطلاق التعميمات الجائرة دون إدراك لجذور المشكلات، يظل تكرارًا لنفس الأخطاء ويزيد من الظلم الواقع على هذه الفئات بدلاً من حل الأزمات.
"من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن كشف عورة أخيه كشف الله عورته حتى يفضحه في بيته"
حديث النبي صلى الله عليه وسلم
- فليس كل ما تراه العين يعكس الحقيقة كاملة، فخلف كل إنسان حكاية لم تُحكَ وظروف لم تُروَ .
فلا تُطلق حكمك حتى تُنصِف ذلك الغائب من المشهد سواء شخص ما أو ظلم ما أو ضعف بيئه محيطه وجهل مجتمعي.
- أن الحكم على الآخرين بصرامة ووقاحة هو ظلما في حد ذاته ، عندما نواجه أخطاء الآخرين، قد يكون من الأجدر أن نتذكر عيوبنا ونقائصنا، فنحن جميعًا بشر نصيب ونخطئ.
- هذا الموضوع وتلك " الطبيبة " يحملان رسالة عميقة تدعونا للتوقف عن الانتقاد غير العادل والتحلي بالرأفة والرحمة والشرف ، وأن نبحث عن سبل للتفهم والتسامح، بدلاً من إطلاق الأحكام والتجريح.
- تصريحات هذه الطبيبه وما حملته من تعميمات على المجتمع، يظهر أمامنا بوضوح حاجة للحديث عن مفهوم
"شرف المهنة" والإصرار على أداء الواجب بشكل نزيه ومسؤول، بعيدًا عن تأثيرات محيطها وتوجهها الخاص والأحكام الشخصية.
شرف المهنة يعني أن الشخص، بغض النظر عن مهنته، ملتزم بمبادئ وقيم تفرض عليه احترام الناس، وعدم التعدي على خصوصياتهم، أو الانجراف وراء الانطباعات السطحية والمشاهدات الشخصية.
- المشكلة التي وقعت فيها ليست فقط في التعميم، بل في التخلي عن
"شرف المهنة" الذي يحتم على العاملين في المجالات الإنسانية كالتعليم، الطب القضاء والمحاماة وغيرها الترفع عن التحيز الشخصي والالتزام بالموضوعية والسرية .
- فالمهني الشريف يدرك أن موقفه أو تجربته الخاصة لا تمثل الجميع، ويعلم جيدًا أن لكل حالة خصوصية، وأن دوره ليس الحكم على الأشخاص، بل تقديم له الخدمة التي جاء من أجلها.
- الواقع هو أن المجتمع، مع مرور الوقت يشهد تحولات وتغييرات سريعة في القيم والمفاهيم. أصبحنا في زمن سهل فيه إطلاق الأحكام وتعميم التجارب الشخصية، مما خلق صورة مشوشة عن المجتمع ككل.
كل شخص، مهما كان دوره، يرى نفسه قاضيًا يحق له التحدث عن الأجيال والقيم وتفسير الأمور وفقًا لزاويته الخاصة.
- ومع سهولة الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحنا نرى نماذج كثيرة لهذا السلوك، حيث يتم تحويل مشاهدات شخصية محدودة إلى قناعات يتم تعميمها بشكل غير عادل للمجتمع.
- احترام شرف المهنة والقسم، يعني أن يلتزم المهني " بالحياد "وأن يكون مدركًا للفرق بين "الرأي الشخصي" الذي يعبر عن مشاهداته المحدودة للموقف، وبين "الحكم العام" الذي يحتاج إلى إحصائيات ودراسات وتحليل شامل.
- للأسف، تحول المجتمع إلى بيئة جاهزة لاستقبال التعميمات، وكأننا نبحث عن مبرر سريع للأزمات، بدلًا من فهم الجذور والتعمق في الأسباب.
- شرف المهنة يتطلب من كل فرد الإصرار على الحياد واحترام التفاصيل الفردية، مع إدراك أن التعميمات الجائرة تزيد من الأزمات بدلاً من حلها.
نحتاج اليوم إلى وعي أعمق بأهمية احترام الناس وتجاربهم دون تعميم أو تحيز، وأن نتذكر دائمًا أن الخطأ وارد، وأن التعميم قد يظلم أكثر مما ينصف.
"ليس كل ما تراه العين يعكس الحقيقة كاملة، فخلف كل إنسان حكاية لم تُحكَ وظروف لم تُروَ، فلا تُطلق لسانك على الآخرين ولربما يكونوا عند الله أفضل وأحب منك"