نساء عالقات بين الظلم والصمت
لم يرفع القلم بعد
بقلم : الكاتبة منال خليل
"المُعلقات" ليست مجرد كلمة تصف حالة اجتماعية، بل هي صرخة نساء تُركن في منتصف الطريق، بلا حقوق زوجية ولا فرصة للانفصال.
كم امرأة سمعت: "اشربي من البحر" ؟
كم زوجة عاشت " زي البيت الوقف" ؟
كم زوجة نظرت من نافذتها وفكرت في الخلاص؟
هناك أشكال كثيرة للتعليق وأسبابه منها:
الإهمال العاطفي والجسدي: يهجر الزوج زوجته دون عذر، تاركًا إياها تعاني من الفراغ النفسي والجسدي، متجاهلًا قول النبي ﷺ: "ولزوجك عليك حق"
الهجر الطويل: يسافر الزوج أو يبتعد لفترات طويلة دون توفير النفقة أو تلبية حقوق زوجته.
التسلط والتحكم: يمتنع الزوج عن الطلاق كوسيلة ضغط أو انتقام.
ومنها الأزمات الاقتصادية أو النفسيةالتي قد تؤدي الضغوط الاقتصادية أو المشاكل النفسية إلى ترك الزوجة عالقة بلا حلول.
قصة حقيقية:
شابة تبلغ من العمر 39 عامًا، عاشت مأساة بعدما تركها زوجها وهي حامل. طلب منها الإقامة عند أهلها بحجة أن هذا الوضع مؤقت، لكنه لم يعد أبدًا.
تركها معلقة، لا متزوجة بحق ولا مطلقة تستطيع بدء حياة جديدة.
طفلها اليوم يبلغ عامين، بينما الزوج لا يتحمل أي مسؤولية تجاهها أو طفلهما. يقول لها ببرود:
"هسيبك زي بيت الوقف أهلك يصرفوا عليك وعلى ابنك"
بعد عامين من الصبر والمعاناة، اضطرت إلى رفع قضية خلع استغرقت سنة ونصف في المحاكم، في رحلة طويلة من الألم النفسي والاجتماعي.
- رصدنا رأي بعض الرجال في تعليق الزوجات وقد كانت المبررات :
- الخلافات المستمرة: يرى البعض أن تعليق الزوجة وسيلة لتجنب التصعيد
أو الطلاق.
الخوف من الالتزامات المادية: يتجنب الأزواج الطلاق لتفادي أعباء النفقة
أو التبعات القانونية.
- الرغبة في التحكم: يُستخدم التعليق كوسيلة ضغط أو انتقام لإثبات السيطرة.
- الحفاظ على الصورة الاجتماعية: يخشى بعض الرجال نظرة المجتمع للطلاق وتأثيره على سمعتهم.
- على الجانب الآخر، هناك رجال يدركون مسؤولياتهم الشرعية والإنسانية.
يقول الرجل الواعي:
"الزواج ميثاق غليظ، ولا يجوز ترك الزوجة معلقة، إما إصلاح أو تسريح بإحسان فالظلم في العلاقة الزوجية ينعكس علينا جميعًا كأسرة ومجتمع."
الآثار النفسية والاجتماعية
على المرأة: تعاني النساء المعلقات من العزلة، الاكتئاب، وفقدان الأمان النفسي مما ينعكس على صحتهن الجسدية.
على الأبناء: يعيش الأبناء في بيئة متوترة مليئة بالمشاكل النفسية والاجتماعية
مما يضر بنشأتهم.
على المجتمع: تسهم هذه الظاهرة في تفكك الأسرة، مما يؤدي إلى زيادة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.
- شرعاً الإسلام يحرم الظلم ويؤكد على تحقيق العدل والرحمة في الزواج قال الله تعالى: "هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ" (البقرة: 187)، مما يشير إلى التكامل بين الزوجين.
وقال النبي ﷺ: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح"
(رواه البخاري ومسلم).
ويحذر النبي ﷺ من الظلم بين الزوجات: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل"
(رواه الترمذي).
ويرى الفقهاء أن امتناع الزوج عن حقوق زوجته دون عذر شرعي يُعد ظلمًا، ويحق لها طلب الطلاق إذا لحقها ضرر نفسي
أو بدني.
- النساء يلجأن للخلع كحل نهائي عندما لا يجدن بديلًا للانفصال بسبب تعنت الأزواج في الطلاق ،شهدت قضايا الخلع ارتفاعًا بنسبة 81.3% خلال عام 2023، حيث بلغ عددها 8,684 حالة.
" النساء المعلقات ضحايا ظلم اجتماعي وديني يتطلب وعي مجتمعي وإصلاح قانوني ،الزواج ميثاق غليظ، وليس وسيلة للسيطرة أو الانتقام.
الظلم الذي تعيشه هؤلاء النساء ليس فقط انتهاك لحقوقهن، بل هو أيضا جرح مفتوح في ضمير مجتمع يتسامح مع هذه الممارسات.
ما زال القلم يكتب، وما زال الظلم مستمر لكن القلوب المظلومة تنتظر يوما تُرفع فيه الأقلام ويُكتب فيه الإنصاف "