علامات استفهام حول حرائق الكرنك
كتب - د. عبد الرحيم ريحان
نشب حريق محدود أمس في منطقة النباتات والحشائش المتاخمة لمعبد موت جنوب معابد الكرنك بمدينة الأقصر بعيدًا عن الكرنك بحوالي 350 م دون وقوع أي خسائر بشرية أو مادية، ويوم 25 أكتوبر الماضى نشب حريق بالكرنك في الحشائش والنخيل الجاف الموجودين على مسافة نحو 400 مترٍ من سور المعبد الخلفي وامتدت ألسنة النيران إلى منزلين في مواجهة المعبد ونجحت قوات الحماية المدنية في السيطرة على الحريق وإخماده دون خسائر بشرية وكان بسبب سيجارة كما أعلن عن ذلك.
وفى ضوء هذا نوضح أن هذا الأمر يضع أمامنا عدة علامات استفهام وهى أن السبب الظاهرى للحريق هو وجود الحشائش وقد حذرت حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان من خطورة هذه الحشائش منذ شهور ونشرت صورًا لها وطالبت بإزالتها وهناك طرق عديدة ومبتكرة لإزالتها دون أن تتسبب في أضرار للآثار في ظل استخدام التكنولوجيا الحديثة التي تستخدمها الوزارة في الدعاية وتنشيط السياحة ويمكن تطبيقها في حماية الآثار من أي مخاطر تهددها.
حماية الآثار
تتطلب حماية الآثار من أخطار الكوارث البشرية والطبيعية تركيب كاميرات مراقبة شاملة لكل الموقع الأثرى وما حوله مثلما تم في مشروع التجلى الأعظم حول دير سانت كاترين وكذلك إنذار مبكر وإطفاء تلقائى للحريق ووضع أنظمة لكيفية التصرف لحماية البشر والحجر وقت حدوث الحرائق أو الزلازل وغيرها وتدريب العاملين عليه مع توثيق كل الآثار المعمارية والقطع الفنية بالمتاحف والمخازن توثيقًا علميًا ورقمنتها ووضعها على مواقع دولية لحمايتها من السرقة وأية أخطار أخرى
البشر قبل الحجر.
تستوجب حماية الحجر حماية البشر القائمين عليه وتوفير ظروف معيشية واستقرار نفسى لهم، والعاملين بالآثار يعانون من مشاكل من تعطيل اللائحة المالية لهم والتي تساهم في تحسين الوضع المالى لهم كما أنهم لا يحصلون على نفس المزايا التي يحصل عليها موظفي السياحة وهم في نفس الوزارة طبقًا للقانون بل هناك فوارق في المرتبات علاوة على التأمين الصحى الراقى لموظفى السياحة والمنعدم لموظفى الآثار.
هذا علاوة على تطبيق هيكلة غير مرضى عنها تظلم قطاع بأكمله وهو قطاع الآثار الإسلامية والقبطية في الدرجات المالية وقد وضعت في الغرف المغلقة ودون استشارة الآثاريين، ولذا يصعب تطبيقها بشكل كامل وتستمر المسميات الوظيفية القديمة كما هي مع تطبيق محدود للائحة وعدم وجود معايير للمناصب القيادية من الخبرة والأقدمية والكفاءة وغالبًا ما تخضع للأهواء بل يتم تدمير الكفاءات واستبعادهم من المناصب القيادية مما يؤدى إلى عدم استقرار نفسى للعاملين بالمخالفة لتوجهات القيادة السياسية من الحرص على بناء الإنسان أولًا والاستفادة من الكوادر البشرية وحسن توظيف الإمكانات المختلفة للعاملين لصالح العمل.
كل هذه الأمور تؤثر سلبًا على العمل وينتج عنها بالطبع إهمال مقصود أو غير مقصود في العمل وتسريب لأسرار العمل من مقاطع فيديو وخلافه وربما يدفعهم الانتقام لأكثر من ذلك مما تجنى ثماره الآثار نفسها وتؤثر سلبًا على حركة السياحة خاصة في بداية الموسم السياحى وتتلقفها الأبواق المسمومة في الداخل والخارج لتحقيق أغراضها في استهداف المنجزات المصرية في هذا القطاع الذى ارتقت به الدولة للوصول إلى مستوى الدول السياحية في عدد السياح 2028 مثل فرنسا وإسبانيا مع تطوير أنماط جديدة من السياحة وتبنى مشاريع قومية لإحياء السياحة الروحية أغلى أنواع السياحة في العالم والتي تجذب أعدادًا من السياح من شرائح مختلفة ومناطق جديدة وتتجسّد في مشروع التجلى الأعظم المنتظر افتتاح مرحلته الأولى إبريل القادم وإحياء مسار العائلة المقدسة كطريق للحج إلى مصر وإحياء مسار آل البيت وانتظار العالم لافتتاح أعظم متاحف العالم وأيقونة المتاحف الدولية وهو المتحف المصرى الكبير.
طيبة تراث عالمى
مدينة طيبة وجبانتها "الأقصر حاليًا" المستهدفة بهذه الحرائق مسجلة تراث عالمى باليونسكو عام 1979 لثلاثة معايير الأول والثالث والسادس حيث تمثل طيبة نموذجًا للروائع فى تكوينها الفريد كمدينة للحكم بمبانيها على البر الشرقى والغربي وتقف شاهدًا فريدًا على معتقدات خاصة بالحياة والموت فى عهد المصريين القدماء وفى فترة وجود طيبة كعاصمة واستثنائيًا على حضارة المصريين القدماء ككل، كما اقترن اسمها بعديد من الأحداث والمعتقدات المرتبطة بتاريخ المصريين القدماء.
ودلت الاكتشافات الأثرية على أن مدينة طيبة ترجع إلى تاريخ أقدم مما كان يظن البعض، فلقد عثر بمنطقة الكرنك على بقايا معبد من الأسرة الثانية ووجود بناء قديم يرجع إلى عصر ما قبل الأسرات لهذا تعد طيبة من أقدم المدن فى مصر وتعد هى النقلة البنائية فى استخدام الأهرامات كمقابر ملكية إلى استخدام المقابر المخفية بوادى الملوك والملكات بالإضافة إلى المصطبة التى اكتشفت بمدينة الطارف بالأقصر فجمعت مزيجًا من طراز الدولة القديمة والدولة الوسطى التى تنتمى معظم آثار الأقصر إليها، وتعتبر طيبة عاصمة مصر فى الدولة الحديثة من 1570 إلى 1070 قبل الميلاد.
وتضم الأقصر معبد الكرنك الذى استمر بناؤها حوالي 2000 عام على مساحة إجمالية 46 فدان لعبادة الإله “آمون رع” وزوجته “موت” وابنهما الإله “خونسو ويحتوي على 134 عمود ثم مدخل المعبد وهو طريق الكباش الشهير، ومعبد الأقصر بالقرب من معبد الكرنك ومعبد الدير البحري أو معبد حتشبسوت ووادى الملوك وتمثالي ممنون ومعبد الرمسيوم الجنائزي في منطقة البر الغربي ومدينة هابو ودير المدينة.