اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الكاتبة منال خليل ... تكتب - بَهْجَةٌ هَشَّةٌ كَالْكَرِيسْتَالِ الفَاخِرِ

 بَهْجَةٌ هَشَّةٌ كَالْكَرِيسْتَالِ الفَاخِرِ




بقلم  : الكاتبة منال خليل 


- لماذا فرحتنا دائمًا ممزوجة بالخوف والشك؟


هذا هو التساؤل العميق الذي يطرق الأذهان كلما عشنا لحظة انتصار أو أمل في أوطاننا.

لماذا لا نستطيع أن نغرق في الفرح دون

 أن يعكر صفوه القلق؟

 لماذا كل مبروك تتبعها لكن؟

- إنه سؤال يُجسّد التناقض بين الأمل واليأس، بين الفرح المُنتزع من بين أنقاض الألم والخوف من أن يكون هذا الفرح مجرد استراحة قصيرة قبل نكسة جديدة.

السؤال الذي يتكرر بين السطور وفي أعماق النص هو :

ماذا بعد؟


- هذا السؤال الذي يطرحه كل من عاش الفرح الممزوج بالخوف والرهبة، وهو انعكاس للريبة التي تتبع كل لحظة أمل.


إنه السؤال الذي يكشف عن حذرنا الدائم وقلقنا المستمر :

هل هذا الفرح سيستمر أم سينقلب علينا؟

هل هذه اللحظة هى فجر جديد أم مجرد هدوء يسبق العاصفة؟


- هذا التساؤل، رغم بساطته، يحمل في طياته وزن التجارب المُرة والمخاوف المتراكمة، وهو ما يجعلنا نعيش الفرح بحذر ونستقبل الأمل بقلق، خشية أن يُسرق منا مجدداً.


لأننا نحمل في ذاكرتنا أوجاعًا لا تندمل نعيش الفرح وكأنه غريبٌ عابرٌ، نستقبله بأيدٍ مرتعشة وقلوبٍ مُثقلة. 

تعلمنا من مآسينا أن الفرح قد يكون بداية للحزن، وأن الابتسامة قد يُطفئها الألم في أية لحظة. نحتفل وكأننا نعتذر لأنفسنا وكأننا نخشى أن نكون مخطئين في التفاؤل.


الناجون يعلمون هذا جيدًا، لأنهم عاشوا في ظلال الظلم، عرفوا أن النور قد يخفي وراءه ظلامًا أعمق. عندما يهمسون : مبروك، يترقبون خلفها لكن التي صارت جزءًا من كل أمل؛ لأن الخوف أصبح شريكًا في كل فرحة، وصار الحذر

 مرادف لكل حلم.

- لأننا اعتدنا أن يكون الفرح في أوطاننا هشّاً كزجاج نافذة تُهدّده الرياح، نتشبث بالأمل بخوف، وكأن كل ابتسامة تحمل في طياتها نذر الحزن القادم.

 نعيش لحظة النصر بأعين حذرة قلقة ندرك أن شبح الخسارة يختبئ خلف الأفق

جاهز ليباغتنا في أي لحظة.

 التجارب المريرة علّمتنا أن نفرح بقلوب مرتعشة، وأن نرقص بحذر فوق أرضٍ توشك أن تنهار تحت أقدامنا.

نرفع راية الفرح والأنتصار، لكن عيوننا لا تغفل عن السماء الملبدة بالشكوك.





  في أعماقنا، هناك دائمًا سؤال : 

ماذا بعد؟

هل ما نعيشه هو فجر جديد، أم مجرد وهج خاطف يسبق عاصفة أخرى؟ 

نفرح، لكن الفرح يخالطه حذر عتيق، خشية أن يُسرق منا كما سُرقت أحلامنا من قبل.

- نقول مبروك، لكنها تتبعها همسة ولكن

 التي تُفسد اكتمال البهجة.

 كأن أقدارنا أبت أن تمنحنا فرحة خالصة وكأن السعادة مجرد هدنة مؤقتة بين حربين من الألم والإنكسار.

 نعرف أن الذكريات المثقلة بالحزن تتربص بكل لحظة أمل، وأن الفرح قد يُوأد قبل أن يُولد.

لأننا تعوّدنا أن الفرح في أوطاننا هشٌّ كزجاج نافذة تهزّه الرياح ،كل ابتسامة تسبقها دموع، وكل نصر يحيط به شبح الخسارة.

 فرحتنا ممزوجة بالخوف لأننا نعرف أن كل لحظة أمل، مهما كانت مشرقة، قد تُغتال في غفلة، لقد علّمتنا التجارب أن نحتفل بحذر، أن نرقص على أطراف أصابعنا وكأن الأرض تحتنا هشة توشك أن تنهار.


-ورغم ذلك، ما زلنا نفرح نرفض أن نستسلم لانكساراتنا، ونؤمن أن الأمل، وإن كان مُرهقا، يبقى دليلًا على أننا أحياء. 

نحتفل ليس لأننا نضمن الغد، بل لأننا نصرّ على انتزاع لحظة فرح من بين أنياب الخوف.

 نرقص بخطوات محسوبة، ونبتسم بقلوب واهنة، لكننا نبتسم رغم كل شيء.

- ربما، ذات يوم، سنهنئ بعضنا دون أن يتبع التهنئة قلق أو شك ، ربما سيأتي زمنٌ لا نرتجف فيه من الفرح، زمن لا نحتاج فيه إلى الاعتذار عن أحلامنا أو الخوف من تحققها ، حتى ذلك الحين ، سنواصل احتضان لحظات الفرح العابرة وسنحلم بشجاعة، لأننا نعلم أن الحياة بلا أمل

 حتى لو كان هشًّا، ليست إلا موتاً بطيئا.


سنفرح رغم الجراح، لأن قلوبنا ترفض أن تُهزم.

 سنظل نحمل رايات الأمل والسلام

 حتى لو هبّت عليها رياح الخوف وحتى لو لم تكن فرحتنا مكتملة.

 ففي النهاية، ربما هذا الفرح الممزوج بالحذر هو أصدق ما نملك، لأنه نُسج من معاناة ما زلنا ننجو منها، مرةً بعد مرة.

google-playkhamsatmostaqltradent