اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

أهمية اللغة العربية

 أهمية اللغة العربية





بقلم : عمر محمد سعيد إبراهيم 

الواعظ العام بالأزهر الشريف


مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ للهِ الذي جعلَ القرآنَ نورًا وهدايةً للعالمين، وجعلَ اللغةَ العربيةَ وعاءً لهذه المعجزةِ الخالدة والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمدٍ أفصحِ الخلقِ لسانًا، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين أما بعد.


فإنَّ اللغةَ العربيةَ هي لغةُ الدينِ والعلمِ والحضارة، ومفتاحُ فهمِ كلامِ اللهِ تعالى فالاهتمامُ بها عبادةٌ، وخدمتها واجبٌ على كلِّ مسلمٍ حريصٍ على دينِهِ وهويتِه ، حيث تُعدُّ اللغةُ العربيَّةُ من أعظمِ اللُّغاتِ وأعرقِها، فهيَ لُغَةُ القرآنِ الكريمِ، ولسانُ الحَضارةِ الإسلاميَّةِ، ووِعاءُ العلومِ والمعارفِ الّتي أضاءَتْ للبشريَّةِ عَبرَ القُرونِ ، فمَكانةَ اللُّغَةِ العربيَّةِ لَيسَتْ مُجرَّدَ مَكانةٍ لُغويَّةٍ، بلْ هيَ ثقافيَّةٌ، دينيَّةٌ، وتاريخيَّةٌ

 مِمَّا يَجعَلُها أمانةً عَظيمَةً في أعناقِ كُلِّ فردٍ من الأُمَّةِ الإسلاميَّةِ والعربيَّةِ.


اللغة العربية لغة القرآن الكريم

حيث تَتجلَّى الأهمِّيَّةُ الكُبرى للُّغةِ العربيَّةِ في ارتِباطِها بالقُرآنِ الكريمِ، فقد قالَ اللهُ تبارك وتعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2]. 

فالقرآنُ الكريمُ نزلَ باللغةِ العربيةِ

 وهذا إن دل فإنما يدل على أهميتها فاللغةَ العربيةَ ليست مجردَ وسيلةِ تواصلٍ، بل هي هويةٌ وثقافةٌ وحضارةٌ تمتدُّ جذورها في عمقِ التاريخ. اختارها اللهُ تعالى لتكونَ لغةَ القرآنِ الكريم، مما أضفى عليها قدسيةً ومكانةً رفيعةً بين اللغات. ففهمَ هذه اللغةِ وإتقانَها ضرورةً لكلِّ مسلمٍ يسعى لتدبرِ كلامِ اللهِ والعملِ به. وقد قالَ عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه: 

"تعلَّموا العربيةَ؛ فإنها من دينِكم، وتعلَّموا الفرائضَ؛ فإنها من دينِكم".


اللغة العربية والحفاظ على الهوية

 اللغةُ هي الوعاءُ الذي يحفظُ هويةَ الشعوبِ وثقافتَها

يقولُ مصطفى صادق الرافعي: 

"ما ذلَّتْ لغةُ شعبٍ إلا ذلَّ، ولا انحطَّتْ إلا كان أمرُه في ذَهابٍ وإدبار"

فاللغةُ العربيةُ تربطُ بين الماضي والحاضر

وتحملُ في طياتِها تراثَ أجدادِنا من حكمٍ وأمثالٍ وشعرٍ وأدبٍ.


اللغة العربية وعلاقتها بالعلوم

فمن خلال العصورِ الذهبيةِ للحضارةِ الإسلامية، أصبحتِ اللغةُ العربيةُ لغةَ العلومِ العالمية. حيث كان العلماءُ المسلمون يكتبون أبحاثَهم وكتبَهم باللغةِ العربية، مما ساهم في نشرِ العلومِ بين الأمم.

 ومن أبرزِ هذه الأعمال :

في الطب كتابُ "الحاوي" للرازي.

في البصريات كتابُ "المناظر" لابنِ الهيثم.

في الرياضيات كتابُ "الجبر والمقابلة" للخوارزمي.


اللغة العربية وسعة التعبير

تتميزُ اللغةُ العربيةُ بثراءِ مفرداتِها ودقةِ تعابيرِها. يقولُ الجاحظ: 

"العربيةُ أوسعُ اللغاتِ في التعبيرِ وأدقُّها في التصوير". 

فهذا الثراءُ اللغوي يُمكِّن المتحدثَ والكاتبَ من التعبيرِ عن أدقِّ المشاعرِ والأفكارِ بوضوحٍ وجمال.


أهمية اللغة العربية في التعليم والتطوير 

يقولُ الإمام  ابنُ تيميةَ رحمهُ اللهُ: 

"إن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب، لأن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا باللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".


 إدخالُ اللغةِ العربيةِ في المناهجِ الدراسيةِ يعزِّزُ الهويةَ الوطنية، واستخدامُ التكنولوجيا لتطويرِ تعليمِها يُسهمُ في مواكبةِ العصرِ والحفاظِ على مكانتِها.


التحديات التي تواجه اللغة العربية

سيطرةُ اللغاتِ الأجنبيةِ على الإعلامِ والتعليم.

إهمالُ تطويرِ المناهجِ الدراسيةِ الخاصةِ باللغةِ العربية.

انتشارُ اللهجاتِ العاميةِ التي تُضعفُ استخدامَ الفصحى.


جهود للحفاظ على اللغة العربية

إطلاقُ مبادراتٍ مثل اليومِ العالمي للغةِ العربية.

دعمُ المبادراتِ التعليميةِ والتقنياتِ الحديثةِ لخدمةِ اللغة.


الخاتمة

إنَّ اللغةَ العربيةَ ليست مجردَ لغةٍ، بل هي هويةُ الأمةِ وجذورُها الراسخةُ في التاريخ. فالحفاظُ عليها واجبٌ على كلِّ مسلمٍ وعربي، فهي ليست ملكًا لجيلٍ واحدٍ بل هي أمانةٌ تُسلَّمُ من جيلٍ إلى آخر. 

نسألُ اللهَ أن يُعينَنا على خدمةِ لغتِنا ونشرِها، فهي لسانُ دينِنا وعنوانُ عزتِنا.

"وما ضرَّ قومًا أُمُّهم لغةُ العربِ ،إذا افتخروا بالذُّرى والمناقبِ"

اللهم احفظْ لنا لغتَنا، واجعلْها رافعةً لنا في الدنيا والآخرة.

google-playkhamsatmostaqltradent