الحقيبة الأخرى
بقلم : الشاعرة التونسية الثريا بن مسعود خلوط
أنا على مَوعِدِِ مع نفسي
هناك نَسيتُ اِسمي و أحمرَ الشّفاهِ
في الحقيبة الأخرى
أعارني ظِلّي هُوِيَّةً
ثُمًَ تَراجَعَ إلى الخلفِ
كَأنَّهُ يَرومُ الذًهاب
وَشمَ كَفَّه على كَفّي مُوَدِّعا
هو فِراقٌ بيننا
كوَقتِِ هاجرَ نَبضَ ساعةٍ
حين حرقَت دقائقها والثواني الأخيرة
ثم توقَّفَت عن محاولةِ العَدِّ
قد أصابَتها لعنةُ مُنْتَصَفِ الأشياءِ
أصبح كجميع الظِّلالِ يَمضي في اللّحظَاتِ المِثاليّةِ مِن كُلِّ الأحداثِ
دون الإلتِفاتِ إلى حَتفِه
تاركاً هُوِيَّتَه على الشِّياعِ
تِذكارا و النِّصفَ مِن كُلِّ الخيباتِ
في الهناك يَرِنُّ الهاتِفُ
ألومَن معي؟
لاَ أحدَ بِغريب
هكذا رَدَّ المُجيبُ أنا هاتِفُكِ المُعجَب
أنا مُعجَبٌ فلا شَيءَ بِمُريبٍ
تَقتُلُني الوِحدَةُ وأنا المُتعَبُ
مِنَ الظّلامِ مِنَ الصّمتِ
مِنْ مَفاتيحَ تَخدِشُ حيائي
داخِلَ الحقيبة
فقط تَقتُلُني هذه العَتَمة
فَآنِسي وِحدَتي داعِبي تَطبيقةَ البيانو لُعبَتَكِ المَدسُوسَةَ بين إعداداتي
صوتُكِ فِتٍنَةٌ مُسجّلَةٌ تَعبَثُ بذاكِرتي
موسيقى نَبَتَت فَجأةً
وأنا المُعجَبُ و المُتعَبُ
والمُرهَقُ مِن هذا الهوى
تجاعيدُ نَحَتَت سراديبَ على قلبي
و أنا أُجيبُ نَسيتُ أنّي وَهَبتُ أناملي دُفْعَةً واحدَةً و على غيرِ الصِّيَغ القانونية
لِكَفِّ ظِلِِ نَحَتَ قُبلَةَ وداعٍ على راحةِ كَفّي
هل يَعودُ؟.. حينَ تُشرِقُ القصيدةُ في الموسِمِ القادِمِ
و تُزٍهِرُ أصابعي شَمسا و شُكُلاطةََ
أَلُفًُ صَيفََا على خِصرِ المجاز
أزْرَعُ شَمسِيًَةََ خضراءَ
هل يعود ؟
ربما أكون كرسائِلَ حُبٍّ
كَتَبَتني سِنُّ قلمٍ ولم تُرسِلْني مَزَّقَتني
يَنْبُتُ القلقُ على ورقي
و تُصيبُني لَعنةُ التَّوجُّسِ
هل نَسيتُ وجهي في الحقيبة الأخرى
أحتاجُ البَحثَ عن ملامحي
وأنا أتَفَقَّدُني
تُعيرني المرآةُ اِنعِكاسا بأحمَرَ شِفاهٍ
يَليقُ بِسُترَتي
و أرى شهرُ أكتوبر عائدًا
سَأفُكُّ قَيْدَ الشَّريطِ الوَرديّ
يَنسابُ شَعري بجنون
لِيَحُطَّ عند قَدَمَيَّ
أُطلِقُ سراح ما على الصَّدرِ مِن أَلَمٍ مَبتور
أنا الان على مَوعِدٍ مع نَفسي في الهناكَ
أسرِقُ بَعضا مِنَ الدّفْءِ
أمْلَأُ القليلَ مِنَ الإنسانيّةِ
في قارورةِ عِطرٍ خاويةٍ.
أَرُشُّ منها كُلّما ٱختَنَقَ المكان
تَأَخّرَت نفسي عن المجيءِ و أسدَلَ الموعِدُ ستائرَهُ البيضاء على جسدي
يَتَسَرَّبُ الصَّقيعُ إلى نصوصي
تَستَحوِذُ أفكَارُ الأفولِ على أطرافي
أُشَيَّعُ إلى وُحدَتي أَترُكُ خلفي شاهدا وحيدا نَسيتُه أعلى النّصِ في الحقيبةِ الأخرى
اِسمي هو ذا يرتعِشُ مِن بردِ اليُتمِ
تَبنّاه رصيفٌ ما
يكون طِفلا مِن أطفالِ
قصيدةٍ راحلةٍ
وقَضيّةً أخرى مُمَزّقةً
لا تخجلوا
سيَلُفَّه شارعٌ منكوب
وينامُ على قارعَةِ ضَميرٍ مُستَتِرِِ
تَقديرُه نِفاقٌ .