لم يرفع القلم بعد
خيوط الود
بقلم : الكاتبة منال خليل
- لماذا أصبحت العلاقات بين البشر اليوم هشة، فاقدة للدفء والعاطفة الخالصة وكأنها معاملات تجارية باردة تتحكم فيها المصالح بدلا من المشاعر؟
- في عالم تتسابق فيه المصالح، أصبح الحب الحقيقي التزاما نادرا، لا يُقاس بالعائد، بل بالقدرة على العطاء والصبر.
كما قال أرسطو : "الحب لا يتطلب أن تكون كاملا، لكنه يتطلب أن تكون حقيقياً "
- بينماالأكثر قسوة، هو الاستخفاف بمشاعر الشريك واحتياجاته، تلك الندالة التي تحولت إلى سمة مميزة في كثير من العلاقات ،الغدر أصبح معتادا، والخيانات لم تعد تُخفى في الخفاء كما كان في الماضي، بل أصبحت تُمارس علناً وكأنها أمر طبيعي الانفصالات تحدث بسهولة وكأن الرباط الذي كان يوماً ما مقدسًا قد تحول إلى خيط واهن يُقطع بأبسط خلاف.
- يبدو أن الحب الحقيقي أصبح ترفاً لا يستطيع الجميع تحمله والوفاء به
والزواج، الذي كان يوما رمزا للمودة والرحمة، بات عبئا مادياً يُقيّم بناءً على المكاسب الاجتماعية والمادية.
ما نشهده اليوم يمكن تسميته
بـ"الربا العاطفي" حيث يُقدَّم أقل قدر من المشاعر مقابل توقع عائد عاطفي أكبر.
- الخيانات الزوجية والعاطفية التي كانت تُعتبر في السابق فضيحة تُخفى عن الأنظار، أصبحت اليوم جزءا من النمط اليومي لبعض العلاقات، تُمارس علنا وبدون خجل.
لربما وسائل التواصل الاجتماعي تُغذي هذا الانحلال، حيث تُسهل الخيانة وتُجمّل الانفصال، وكأنها دعوة مفتوحة للتجرد من المسؤولية والالتزام ، فالوفاء ليس في الكلمات، بل في الأفعال التي تترجم العاطفة إلى واقع بمواقف حقيقية.
- العلاقات لم تعد كما كانت، فقد أصبحت باردة، مصلحية، وكأنها صفقة تجارية العاطفة لم تعد خالصة أو نابعة من القلب
بل أصبحت مشروطة ومزايدة، تتحكم فيها المصالح الشخصية. والاستخفاف بمشاعر الشريك واحتياجاته أصبح سمة بارزة في العلاقات، وكأن الرباط الذي كان يومًا مقدسًا قد تحول إلى خيط واهن يُقطع بأبسط خلاف.
- مما لا شك فيه ان في عصرنا اليوم، نواجه تحديات اجتماعية وأخلاقية متزايدة.
الضغط الاقتصادي أصبح عبئ كبير يجعل الزواج حلم بعيد المنال للكثيرين، مما يزيد من نسب العزوف عن الزواج وارتفاع معدلات الطلاق.
انهيار القيم الأخلاقية أدى إلى انتشار الخيانة والغدر بشكل طبيعي ومقبول اجتماعيا.
كما ساهم الانفتاح عبر وسائل التواصل الاجتماعي في تضخيم المقارنات بين الشركاء، مما خلق شعورا دائما بعدم الرضا والرغبة في خوض تجارب جديدة.
إضافة إلى ذلك، أصبح الزواج يُنظر إليه كخيار غير ضروري، بينما تُعتبر العلاقات المفتوحة أو غير الرسمية تطورا حديثا وقد يكون اكثر قبولًا.
- العلاقات اليوم أصبحت "تيك أواي" مشاعر سريعة، علاقات مؤقتة، لقاءات تُستهلك ثم تُرمى. هذه النوعية من العلاقات مصدره لنا من الغرب ، المعروفة بـ "One Night Stand"
أصبحت موجوده لدرجة أنها لم تعد تثير الدهشة إنه تطبيع للقبح، وجعل من الحب مجرد لحظة عابرة بلا عمق أو التزام .
- ولكن وسط هذا الظلام، هل هناك أمل؟
ربما قد نتمكن من استعادة دفء العلاقات إذا عدنا إلى أسسها الحقيقية: الالتزام الاحترام، والتضحية فالحب ليس مجرد كلمة تُقال، بل هو فعل يُمارس، رعاية تُقدم، ويد تُمد في أصعب اللحظات.
الحب الحقيقي ليس شعورا عابرا أو نزوة تُستهلك، بل هو التزام عميق يتجاوز المصالح والظروف إنه ضوء يُضيء في عتمة الحياة، يعيدنا إلى إنسانيتنا الأولى حيث كانت العلاقات تُبنى على الصدق والتضحية والتقدير، لا على الأنانية والاحتياج .
العلاقات ليست معركة رابح وخاسر، بل هي رحلة يتشاركها اثنان، يحتميان ببعضهما من قسوة العالم إذا تمكنا من استعادة فهمنا لهذا، ربما نتمكن من العودة إلى بعضنا البعض، وإعادة بناء العلاقات التي غمرتها الفوضى.
"الارتباط والحب ليس نزوة عابرة او بوتقة مصالح، بل هو مسار طويل يطلب الصبر والتضحية من الطرفين"