الطلاق وأثره على الفرد والمجتمع
الطلاق وأثره على الفرد والمجتمع
بقلم : د. محمد إسماعيل
الطلاق هو حل رابطة الزواج بين الزوجين وفقاً لإجراءات قانونية أو دينية معينة، ويُعد الطلاق إحدى الظواهر الاجتماعية المعقدة التي تنطوي على أبعاد نفسية، اجتماعية اقتصادية، ودينية.
يُعتبر الطلاق مسألة ذات تأثير كبير على الفرد والمجتمع، حيث تنعكس آثاره على العلاقات الأسرية والنسيج الاجتماعي بشكل عام.
مفهوم الطلاق
الطلاق في معناه العام هو إنهاء العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة بناءً على رغبة أحد الطرفين أو كلاهما، بسبب استحالة استمرار الحياة الزوجية لأسباب متنوعة.
ويُعتبر الطلاق حلاً نهائياً يلجأ إليه الأطراف عندما تتفاقم المشكلات وتصبح الحياة الزوجية مليئة بالتوتر والصراعات.
وفقاً للشريعة الإسلامية، يُعد الطلاق آخر الحلول التي يُنصح بها، حيث قال الله تعالى: "وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ"
[النساء: ١٣٠].
أما في القوانين فيختلف مفهوم الطلاق وإجراءاته بين دولة وأخرى حسب القوانين والأعراف السائدة.
أسباب الطلاق
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، ومن أبرزها :
١. الخيانة الزوجية تُعد من أكثر الأسباب شيوعاً التي تؤدي إلى انهيار الثقة بين الزوجين وأهمها العلاقات العشوائية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي واستغلال احد الطرفين مشاكل الآخر حتي يساعد انتهائها.
٢. عدم التفاهم والتوافق و اختلاف القيم والأهداف بين الزوجين يُسبب الكثير من المشكلات.
٣. الضغوط الاقتصادية والأعباء المالية وقلة الموارد قد تخلق توترات يومية تؤدي إلى الطلاق.
٤. التدخل الخارجي المفرط من الأهل أو الأصدقاء في الحياة الزوجية يؤثر سلباً على استقرار العلاقة وهنا وقفه أكثر المتدخلين والمؤثرين هي أم الزوجه وأحيانا ام الزوج فكلاهما له دور رئيسي قولي .
٥. العنف الأسري و الإساءة الجسدية أو النفسية تدفع أحد الأطراف إلى إنهاء العلاقة حفاظاً على سلامته النفسية والجسدية.
أثر الطلاق على الفرد
١. الأثر النفسي
يؤدي الطلاق إلى شعور الأفراد بالإحباط الحزن، والقلق، خاصة إذا كان هناك ارتباط عاطفي قوي.
قد يعاني الأفراد من تدني الثقة بالنفس وتقليل من قيمة الطرفين في المجتمع وصعوبة في بناء علاقات جديدة.
٢. الأثر الاجتماعي
يتعرض المطلقون للوصم الاجتماعي في بعض الثقافات، ما يزيد من عزلتهم.
يصعب على البعض التكيف مع دورهم الجديد كأب أو أم مطلقين.
٣. الأثر الاقتصادي
يتحمل الأفراد، خاصة النساء، أعباء مالية إضافية بعد الطلاق، مثل إعالة الأطفال أو تحمل تكاليف المعيشة بمفردهم.
أثر الطلاق على المجتمع
١. التفكك الأسري
يؤدي الطلاق إلى تفكيك الأسرة، وهي الوحدة الأساسية في المجتمع، ما يُضعف التماسك الاجتماعي.
الأطفال هم الأكثر تضرراً، حيث يفتقدون الاستقرار العائلي ويعانون من آثار نفسية واجتماعية.
٢. العبء الاقتصادي
يزيد الطلاق من الأعباء على المجتمع من خلال الحاجة إلى تقديم الدعم للأسر المتضررة مثل الدعم السكني أو النفقة.
٣. التأثير الثقافي
يمكن أن يؤدي انتشار الطلاق إلى تغيرات في القيم الاجتماعية وزيادة التساهل مع إنهاء العلاقات الزوجية
الحد من ظاهرة الطلاق
للحد من الطلاق وآثاره، يجب اتخاذ خطوات على مستوى الأفراد والمجتمع
١. التوعية والتأهيل قبل الزواج من خلال تقديم دورات تثقيفية فعليه للشباب لتوعيتهم بأهمية التفاهم والتواصل في الحياة الزوجية.
٢. تعزيز الحوار بين الزوجين و تشجيع الأزواج على حل المشكلات بطريقة ودية دون اللجوء إلى الطلاق.
٣. دعم الأسر مادياً ومعنوياً و توفير برامج دعم مادي ونفسي للأسر التي تعاني من الأزمات لتجنب تفاقم المشكلات.
٤. تفعيل دور المؤسسات الدينية والاجتماعية و تقديم النصائح والمشورة للأزواج الذين يواجهون مشكلات كبيرة.
واخيرا الطلاق ليس مجرد قرار فردي؛ بل هو قضية تمس النسيج الاجتماعي بأسره.
على الرغم من أنه يُعتبر أحياناً حلاً ضرورياً إلا أن الآثار الناتجة عنه تجعل من الضروري التفكير ملياً قبل اتخاذ هذا القرار. ومن خلال تعزيز قيم الحوار والتفاهم ودعم الأسر في مواجهة التحديات، يمكن للمجتمع أن يقلل من هذه الظاهرة وآثارها السلبية على الأفراد والمجتمع.