اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

ندوة مآذن مصر تاريخ يروي عظمة العمارة الإسلامية

الحجم

ندوة مآذن مصر تاريخ يروي عظمة العمارة الإسلامية





كتب - د. عبد الرحيم ريحان


تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو- وزير الثقافة؛ يتشرف الدكتور أشرف العزازي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة بالدعوة لحضور ومتابعة ندوة بعنوان: "مآذن مصر: تاريخ يروي عظمة العمارة الإسلامية "

 في تمام الثامنة مساء الأحد 16 مارس الجارى  بقاعة الفنون بالمجلس الأعلى للثقافة

يدير الندوة ويشارك بها الدكتور جمال عبد الرحيم أستاذ الآثار والفنون الإسلامية جامعة القاهـرة، عضو لجنة التاريخ والآثار، ويشارك بالندوة الدكتور أحمد السيد الصاوي  أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة.


وأشار الدكتور أحمد السيد الصاوى إلى أن المحاضرة تلقى الضوء على القاهرة مدينة الألف مئذنة وكيف أعطت الدول التي تعاقبت مراكز حكمها على المدينة الأولوية دومًا للمنشآت الدينية بمختلف مسمياتها من المساجد والجوامع والمدارس وبيوت المتصوفة وجلها كانت تزود بالمآذن لإعلان دخول أوقات الصلاة من شرفاتها.



وخلال العصور الوسطى كانت المنشآت الدينية والمدنية بالقاهرة لا يتجاوز ارتفاع مبانيها العشرة أمتار بينما تتسامق من بينها هامات المآذن بارتفاع عدة عشرات من الأمتار لتحتل أفق الرؤية ولاسيما أمام أنظار الواردين للعاصمة ولتستحق القاهرة أن تعرف عن جدارة واستحقاق بمدينة الألف مئذنة.



أما من الناحية المعمارية فإن المآذن القاهرية التي استقطبت اهتمام الباحثين في الآثار وتاريخ العمارة والفنون أيضا تفصح عن مسيرة تطور مزدهرة وشديدة الثراء والتنوع حتى ليصح القول بأن القاهرة من بين عواصم الإسلام كافة لا تمتلك فقط العدد الأكبر من المآذن بل وتحوز أكثر من نمط وطراز لتلك للمآذن في تاريخ العمارة الإسلامية.



فبعد أمثلة "تاريخية" قليلة ربما لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة لنمط "الصوامع" وهي تسمية المآذن التي عرفت بها في العصر الأموي وكانت متعامدة الأضلاع تأسيًا بصوامع معبد حدد الآرامي التي استخدمت لإعلاء الآذان من فوقها بجامع دمشق الأول تجاوزت مصر هذا النمط الذي شيدت به أول مئذنة لجامع عمرو بن العاص بالفسطاط وانطلقت ترفد العمارة الإسلامية بأنماط وأشكال مبتكرة خلافًا لبلاد المغرب والأندلس التي طورت مآذنها في إطار شكل الصومعة وحسب.



وأوضح الدكتور أحمد السيد الصاوى أن مصر عرفت في عهد أحمد بن طولون يقينا نمط مئذنة سامراء "الملوية" حسبما يستفاد من أقوال المؤرخين المبهمة وحسبما ينبئ عن ذلك تخطيط الجامع الطولوني المشابه لتخطيط مسجد سامراء الجامع ولكننا لحسن الحظ فقدنا تلك المئذنة لتقوم مكانها مئذنة لا مثيل لها في العمارة الإسلامية بالعالم كله وهي المئذنة الحالية لجامع أحمد بن طولون.



هذه المئذنة التي شيدت في عهد السلطان المملوكي لاجين تختزل بشكل عبقري عدة مراحل من تطور بناء المآذن بالقاهرة إذ احتفظت من "الصومعة" الأموية بقاعدة مربعة ذات نافذة توأمية مألوفة في العمارة الأندلسية واستعارت من الملوية البدن الأسطواني لدورتها الثانية بينما حول مهندسها المنحدر الذي كان يلف حول بدن الملوية إلى درج سلم كان بالصدفة هو الأقرب معماريًا لعمارة الزيقورات العراقية القديمة والتي يعتقد أنها ألهمت المعمار العباسي فكرة الصعود للمئذنة بمنحدر خارجها، واستعار المهندس لنهايتها دورتين مثمنتين يعكسان استمرارًا منطقيًا لتقاليد بناء المآذن الفاطمية ثم الأيوبية.



وشهد بناء المآذن في مصر خلال عصر المماليك بشقيه البحري والبرجي تطورًا هائلًا سواءً في التقاليد البنائية أو الأنماط والطرز مما لا يتسع المقام هنا لتتبعه.


ولكن يمكن اختصارًا القول بأن الزلزال الذي ضرب القاهرة في سنة 702 هـ وأصاب معظم مآذن القاهرة بدرجات متفاوتة من الخراب قد دفع المعماريون لتبني خطط إنشائية متنوعة بحسب حجم ومكان المنشآت لتحقيق هدفين بقيا متلازمين في المآذن المملوكية ألا وهما الارتفاع الشاهق ومتانة البناء التي تقاوم عاديات الزمن.



بينما حرص المعمار على أن تتنوع المساقط الأفقية لدورات المآذن وغالبًا هي من ثلاث دورات فيما بين المربع المتعامد الأضلاع (تأثرًا بنمط الصومعة) والبدن المثمن (الفاطمي) والبدن الأسطواني المستوحى من المآذن العباسية والذي تسيد شرق العالم الإسلامي بعد إنشاء سامراء.


وليست العمارة الإسلامية وحدها التي امتزجت تقاليدها ببناء المآذن بل هناك أيضا تاريخ قاهرة المعز لدين الله فهناك على سبيل المثال مئذنة مجموعة المنصور قلاوون التي ارتبطت تاريخيًا باستطلاع أهلة الشهور الهجرية ولاسيما هلالي رمضان وشوال ومئذنة مدرسة السلطان حسن التي لطالما كانت برجًا تقصف من فوقه قلعة الجبل مقر الحكم بالمدافع وكذلك مآذن الأزهر الشريف وكانت نداءات الثورة تعلن من شرفاتها سواءً ضد الاحتلال الفرنسي أيام بونابرت أو البريطاني لاحقًا وكل مئذنة منها تحفة معمارية بحد ذاتها.



ترتبط مآذن القاهرة أيضا ببعض أسماء النابهين من المهندسين ولاسيما في العصر المملوكي مثل ابن السيوفي ومحمد بن بيليك المحسني وغيرهما.


ومهما يكن من أمر فتلك المآذن التي تملأ سماء القاهرة بكتلها البنائية الهائلة لا تخلو من الفن الزخرفي الجميع بقدر ما تنبئ تفاصيلها عن مكانة القاهرة كواسطة عقد بين الأمصار تعكس جانبا من تقاليدها المعمارية والفنية في علاقات تأثير وتأثر عبقرية.





يعاد بث الندوة عبر صفحة أمانة المؤتمرات على الفيسبوك وقناتها على اليوتيوب.

google-playkhamsatmostaqltradent