اختار قلمك
اختار قلمك
بقلم : د. محمد إسماعيل
في عالم يموج بالأفكار وتتصارع فيه الألسن قبل الأقلام نجد أن الكتابة ليست مجرد حروف تسطر على الورق بل هي انعكاس للعقل ومرآة للفكر وصدى للنوايا كل قلمٍ يحمل هويته ويروج لفكره انت في عالم مفتوح وكل كاتبٍ يرسم بحبره صورة لما يحمله قلبه وعقله فمن بين آلاف الأقلام التي تجوب الصفحات أيها يمثل صوتك؟ وأيها تستحق أن تتبع؟ نحاول أن نلقي الضوء علي بعض الأقلام بفكره مشتقه من كتابات صديق.
هناك قلم يحرر لا يهاب القيود يكسر الأغلال التي كبلت العقول ويعيد للإنسانية وعيها بعد أن تاهت في دروب التضليل هذا القلم لا يكتب إلا الحقيقة حتى وإن كلفه ذلك الكثير على النقيض نجد قلما يقرر يظن نفسه الحكم والفيصل يملي على العقول ما يجب أن تؤمن به ويختار للناس ما يقرؤونه وما يصدقونه وكأنه يملك الحقيقة المطلقة.
ثم هناك قلم يبرر يحاول أن يغطي العيوب ويصوغ الحجج لتجميل الأخطاء فهو ليس شاهدا على الواقع بل متحدثا باسمه وفقا لمصالحه فقط .
بجانبه نجد قلما يحاول أن يمرر يسعى بخبث إلى دس أفكار مسمومة بين السطور يلبسها ثوب المنطق والموضوعية لكنه في حقيقته يهدف إلى خداع القارئ وتوجيهه حيث يريد من دون أن يشعر.
ليست كل الأقلام حرة فبعضها أمير يكتب ليصنع تاريخا ناصعا بالصدق والعدالة يحكمه الضمير ويحركه الإحساس بالمسؤولية.
أما الآخر فهو أجير يكتب لمن يدفع أكثر لا يهمه الحق أو الباطل بل يهمه العائد الذي سيجنيه من كلماته.
الأسوأ من هذا وذاك هو القلم الأسير الذي يعيش تحت وطأة الخوف مكبل بقيود السلطة أو الرأي العام لا يملك إلا أن يكرر ما يطلب منه فلا رأي له ولا فكر مستقل.
هناك أقلام لا تكتب فقط بل تحرك النفوس قلم يستفز القارئ يجبره على التفكير يطرح أسئلة لا إجابات جاهزة لها يدفعه للبحث والتأمل.
في المقابل نجد قلما يفزع ينقل الأخبار الصادمة يوقظ الناس من غفلتهم قد يكون مزعجا لكنه ضروري.
بينما هناك قلم يعزف ينساب كالموسيقى في الأذهان، يكتب عن الجمال عن الأمل عن الأشياء التي تجعل الحياة أكثر
احتمالًا.
بين هذه الأقلام نجد قلما مدهشا يبهر القارئ بأفكاره الجديدة يفتح له نوافذ لم يرها من قبل وهناك قلم منعش يمنح القارئ استراحة من ضغوط الحياة يخفف عنه بثقافة رشيقة ولغة عذبة.
لكن في المقابل هناك قلم لا يهش ولا ينش وجوده مثل غيابه لا يضيف جديدا مجرد كلمات خاوية بلا روح.
هناك قلم ظاهر قوي الحضور لا يخفي رأيه ولا يهاب المواجهة وهناك قلم قاهر يفرض نفسه بقوة الحجة والدليل لا يهزم بسهولة فهو مدجج بالمعرفة والبصيرة .
ثم نجد قلما طاهرا نقي النية لا يكتب إلا بما يؤمن به لا يسعى للجدل العقيم ولا يخوض في الباطل.
في عالم يتغير بسرعة هناك قلم متطور يواكب العصر يستخدم تقنيات حديثة يكتب بلغة يفهمها الجيل الجديد لكنه لا يفقد أصالته.
وعلى العكس، هناك قلم متورط يجد نفسه في مواقف لم يكن يتوقعها يكتب شيئا فيكتشف أنه قد أوقع نفسه في فخ لم يكن مستعدا له.
وبينهما نجد قلما ممتعا يجذب القارئ بأسلوبه السلس وحكاياته الشيقة.
بينما هناك قلم معتم ثقيل الظل محبط لا ينقل إلا الكابة واليأس.
واخيرا ايها القارئ العزيز هناك قلم يبعث الضوء، يكتب ليهدي ليعلم ليبني ليشعل شمعة في ظلام العقول هذا القلم هو الذي يخلد الذي يترك أثرا في الأجيال القادمة واتمني أن أكون منهم .
وعلى النقيض هناك قلم ينفث السوء قلمه ملوث بالحقد ينشر الفتن يشعل نيران الكراهية يخلق العداوات ويخرب أكثر مما يبني.
العالم مليء بالأقلام لكن الحبر واحد البعض يستخدمه ليكتب تاريخا ناصعا والبعض يستخدمه ليشوه الحقيقة فاحرص ايها القارئ على اختيار قلمك لأنه ليس مجرد أداة للكتابة بل هو انعكاس لما تحمله في قلبك وعقلك فأي قلم تختار؟